من ديوان العرافة 1986
للشاعر الكبير الدكتور/عزت سراج
ــــ
اللَّوْنُ الأَزْرَقُ
ــــــــــ
أَجْلِسُ ثَانِيَةً فَوْقَ الْمَوْجِ
أَسْتَرْخِي
حَوْلِي
حُورِيَّاتُ النِّيلِ
أَسْتَلْقِي
فَوْقَ شُعَاعٍ
أَتَمَاوَجُ
تَحْتَ سَحَابَةٍ
أَدْخُلُ
مُدُنًا زَرْقَاءَ
الْبَصْرَةُ
جَيْبٌ فِي فُسْتَانِ الْبِنْتِ
أَدْخُلُ
مُنْسَحِبًا لِلْخَارِجِ
الْخَارِجُ
أَضْيَقُ مِنْ سَمِّ خِيَاطٍ
أَتَفَتَّتُ
مُشْتَاقًا
لِلْعُشْبِ الأَبَدِيِّ الأَزْرَقِ
تُدْخِلُنِي
حُلْمَ الْوَلَدِ الطَّيِّبِ
أَدْخُلُ
تَدْخُلُ خَلْفِي
ثَمَّةَ نَايٌ
يَعْزِفُ مُدُنًا زَرْقَاءَ
تَتَكَسَّرُ أَحْجَارٌ
يَتَمَزَّقُ ثَوْبِي الضَّيِّقُ
تَفُورُ الْخَمْرَةُ
فِي الْكَأْسِ الْمَقْلُوبَةِ
يَتَّسِعُ الْمَدَى
تَتَأَوَّهُ بِنْتٌ
أَفْتَحُ بَابَ الأَشْوَاقِ
يَخْرُجُ تِنِّينٌ
يَحْمِلُ فِي عَيْنَيْهِ
أَلْفَ ذِرَاعٍ
يَفْتَحُ فَمَهُ
تَدْفَعُنِي الْبِنْتُ
إِلَى عَيْنَيْهَا الزَّرْقَاوَيْنِ
تَمْتَصُّ
بَقَايَا حُلْمِي:
جَدِّي
كَانَ نَبِيًّا
يَعْزِفُ فَوْقَ النَّايِ
يُفَتِّتُ
أَحْجَارَ الصَّمْتِ
تَذُوبُ
فَوْقَ مُرُوجِ النِّيلِ
يُحَرِّكُ أَفْرَاسَ الْهَادِي
وَمَلَكْتُ النَّايَ
لَكِنِّي
لَمْ أَعْزِفْ بَعْدُ 0
****
الْبِنْتُ تُحَاوِلُ
أَنْ تَبْلَعَ صَمْتِي
تَجْرِفُنِي
عَبْرَ النَّارِ
إَلَى مَلَكُوتِ الضَّوْءِ
الزَّمَنُ تَوَقَّفَ
أُسْرِعُ
يُسْرِعُ خَلْفِي
تِنِّينٌ أَزْرَقُ
تُسْرِعُ
يُسْرِعُ خَلْفَ خُطَاهَا
جِنِّيٌّ مَاكِرٌ
يُطْلِقُ ثُعْبَانَ النَّارِ
يَفُكُّ ضَفِيرَتَهَا الْغَجَرِيَّةَ
تَصْرُخُ
تَتَكَسَّرُ
حَرْفًا
حَرْفًا
أَخْرُجُ مِنْ صَمْتِي
حَبْلُ الْمِشْنَقَةِ الآَنَ
يَتَأَرْجَحُ
فَوْقَ دَمِي
أَجْرَاسُ النَّاقُوسِ
تَدُقُّ
أَقَاوِمُ
شَيْئًا
فِي ذَاكِرَتِي
شَيْئًا
كَاللَّوْنِ الأَزْرَقِ 0
****
حُبْلَى كَلِمَاتِي
تَحْمِلُ وَلَدًا مِنِّي
لَمْ يُولَدْ بَعْدُ
أَدْخُلُ مُدُنَ الْكَلِمَاتِ
أَذُوبُ
عَلَى أَوْتَارِ الْحَرْفِ
أَلْحَانًا
تُفْضِي بِالأَسْرَارِ
أُسِرُّ دَمِي
أَسْتُرُهُ
فِي صَمْتِ الْمَوْجِ الأَزْرَقِ
أَسْتَرْخِي
فَوْقَ الْمَوْجِ
حَوْلِي
حُورِيَّاتُ النِّيلِ
تُبَارِكُ صَمْتِي 0
ـــــ
من ديوان العرافة 1986
للشاعر الكبير الدكتور/عزت سراج