من ديوان العرافة 1986
للشاعر الكبير الدكتور/عزت سراج
ـــــ
الْخَرْسَاءُ
ـــــ
مُتَّشِحًا بِالْبَرْقِ
أُسَافِرُ
فِي زَمَنٍ يَتَوَقَّفُ
أُسْرِعُ
تُسْرِعُ خَلْفِي
أَصْنَامٌ تَتَكَسَّرُ
تَتَعَقَّبُ ظِلِّي
أَدْخُلُ صَمْتًا أَبَدِيًّا
تُدْهِشُنِي أَسْرَارُ الْكَهَنُوتِ
أَتَرَاجَعُ
تَتَكَسَّرُ أَحْجَارُ الذَّاكِرَةِ
مَنْحُوتَةً
فِي أَوْجَاعِي
أَظَلُّ وَحِيدًا
فَوْقَ أَعْضَائِي
أَتَعَقَّبُ نَبْضِي
مَشْدُودًا لِلْمَوْجِ
أُدَاعِبُ قَلَقِي
أَشْرَبُ مِنْ آَنِيَةِ الْمَاءِ الْقُدُسِيِّ
أَسْتَرْخِي
فَوْقَ عَقَارِبِ السَّاعَةِ
يَخْرُجُ مُوسَى مِنْ أَحْشَائِي
يُلْقِي عَصَاهُ
يَنْفَلِقُ الْبَحْرُ
أَتَمَاسَكُ
تَخْرُجُ مَرْيَمُ مِنْ عَيْنِيَّ
حَامِلَةً عِيسَى
أَتَقَوَّى
أُبْصِرُ طَهَ
أَنْوَارًا تَتَلأْلأُ
فَوْقَ صِرَاطِ الرُّوحِ
أَسْكُبُ أَلْوَانِي
مُنْصَهِرًا فِي الْمِرْآَةِ
اللَّوْنُ الأَخْضَرُ أَرْضٌ لِلَّوْحَةِ
حَرْفِي فَرَسٌ مُنْطَلِقٌ
فَوْقَ الرِّيحِ
الرِّيحُ تُصَفِّرُ فِي قَلَقٍ
خَلْفَ الرِّيحِ
أَرْسُمُ
بِنْتًا غَجَرِيَّةً
تُطْلِقُ مِنْ كَفَّيْهَا
كَلْبًا أَقْعَى
مُنْتَظِرًا
خَلْفَ التَّابُوتِ
ثُعْبَانًا
يَتَلَوَّى فِي خِفَّةٍ
يَتَسَلَّقُ شَجَرَةَ صَفْصَافٍ
قِرْدًا
يَرْقُصُ
خَلْفَ الطَّبَّالِ
الطَّبَّالُ طَوِيلٌ جِدًّا
يُمْسِكُ نَايًا مَشْرُوخًا 0
****
تَلْتَفُّ عَلَى مَائِدَةِ الْمُوسِيقَى
حَشَرَاتُ اللَّيْلِ
تَمْتَصُّ دِمَاءِ الْقِدِّيسِ النَّائِمِ
فِي التَّابُوتِ 0
****
أَقْتَرِبُ مِنَ اللَّوْحَةِ
أَرْسُمُ رَجُلاً
يَجْرِي
مَجْنُونًا
خَلْفَ الرِّيحِ
يَعْرِفُ كَيْفَ يَطِيرُ بِلا أَجْنِحَةٍ
يَجْلِسُ
خَلْفَ الْبَابِ السِّرِّيِّ
يُرَاقِبُ
ثَالُوثَ الصَّمْتِ
يَتَشَكَّلُ فِي أَلْوَانِ الطَّيْفِ
يُحَاوِلُ
رَسْمِي
فِي الْمِرْآَةِ
تَنْكَسِرُ الْمِرْآَةُ عَلَى كَفَّيْهِ
يَكْسِرُنِي
أَسْبَحُ فِي الأَلْوَانِ
ثَمَّةَ حَبْلٌ مَشْدُودٌ
بَيْنَ النَّهْدَيْنِ
تَعْزِفُ
عَلَى أَوْجَاعِهِ الْبِنْتُ 0
****
الْحُرُوفُ مُتْعَبَةٌ
هَذَا الْمَسَاءَ
لا تُرَاوِدُ فَتَاهَا
الثُّعْبَانُ يَتَمَطَّى فَوْقَ الرَّجُلِ الْمَجْنُونِ
يُحَاوِلُ
أَنْ يَصْعَدَ شَجَرَ الصَّفْصَافِ
إِلَى ثَدْيَيْهَا
أَغْرِسُ فِي عَيْنَيْهِ
بَقَايَا الضَّوْءِ
يَتَكَسَّرُ
ثَاءً
عَيْنًا
بَاءً
أَلِفًا
نُونًا
الْكَلْبُ يُحَاوِلُ أَنْ يَطِيرَ
بِلا أَجْنِحَةٍ
يَصْعَدُ لِلْحَبْلِ الْمَشْدُودِ
أَغْرِسُ فِي عَيْنَيْهِ الْخِنْجَرَ
يَتَكَسَّرُ
كَافًا
لامًا
بَاءً
أَنْفُخُ فِي الْقِدِّيسِ
لا يَتَحَرَّكُ
الْقِرْدُ يَجْرِي مِنْ خَلْفِ الْبَابِ السِّرِّيِّ
يَتَأَهَّبُ كِي يَنْقَضَّ
عَلَى عَتَبَاتِ الرُّوحِ
يَمْشِي فَوْقَ الْحَبْلِ
يَقْتَرِبُ مِنَ الثَّدْيَيْنِ
أُخْرِجُ مِنْ أَعْمَاقِي عَصَايَ
أََضْرِبُهُ فِي عَيْنَيْهِ
يَتَلَوَّى فِي غَضَبٍ
تَحْتَ الأَقْدَامِ
يَتَكَسَّرُ
قَافًا
رَاءً
دَالاً
أَعُودُ
تُحَاصِرُنِي حَشَرَاتُ اللَّيْلِ
تَقْطَعُ جُزْءً
مِنْ أَوْرِدَتِي
تَلُوكُ دَمِي
يَخْرُجُ عِيسَى
مِنْ عَيْنَيَّ
يُبَارِكُ نَارِي
أَحْرِقُهَا
تَتَكَسَّرُ
حَاءً
شِينًا
رَاءً
أَلِفًا
تَاءً
أُبْصِرُ خَلْفِي
جَيْشَ الطَّبَّالِ
يَجِئُ مِنَ الْمُسْتَنْقَعِ
يُطْلِقُ جِنِّيَّاتِ الأُولِمْبِ
عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ
تُبَاغِتُنِي
أَتَرَاجَعُ فِي شُرْيَانِ الْبِنْتِ
أُخَبِئُ رَأْسِي
يُخْرِجُ مِنْ عَيْنَيْهِ
كَرَاسِيَّ الْكُهَّانِ
يُطْلِقُهَا
خَلْفِي
أُخْرِجُ حَرْفًا
مِنْ نُورِ الأَنْوَارِ الأَبَدِيَّةِ
أَسْكُبُهُ
فِي وَجْهِ الطَّبَّالِ
يَتَسَاقَطُ
فِي فَزَعٍ
طَاءً
بَاءً
أَلِفًا
لامًا
تَبْتَهِجُ الْبِنْتُ
تَسْتَنْشِقُ حُلْمًا قَمَرِيًّا
أَتَنَفَّسُ مِنْ رِئَتَيْهَا
أُحَاوِلُ
أَنْ أَصْعَدَ
أَسْقُطُ مُنْتَحِرًا
تَسْقُطُ قَبْلِي
سِينًا
حَاءً
رَاءً
تَنْوِينًا
كَالْجَوْفِ الْخَاوِي
تَخْرُجُ إِيزِيسُ
مِنْ عَيْنَيْهَا
تَجْمَعُ مِرْآَتِي
تَسْكُبُنِي
فِي أَلْوَانِ اللَّوْحَةِ
وُجُوهًا مُعَذَّبَةً
لِلْمَسِيحِ الْمَصْلُوبِ
فَوْقَ عَقَارِبِ السَّاعَةِ 0
ــــــ
من ديوان العرافة 1986