سنة أولى قصة.. باب جديد ينضم إلى ورشة "بص وطل" للقصة القصيرة سننشر فيه بالتتابع القصص التي تعدّ المحاولات الأولى للكتّاب في كتابة القصة البسيطة.
تلك الكتابات التي لا تنتمي لفن القصة القصيرة بقدر ما تعد محاولات بدائية للكتابة.. سننشرها مع تعليق د. سيد البحراوي حتى تتعرّف على تلك المحاولات وتضع يدك على أخطائها..
وننتظر منك أن تُشارك أصحاب تلك المحاولات بالتعليق على قصصهم بإضافة ملاحظات إضافية حتى تتحقق الاستفادة الكاملة لك ولصاحب أو صاحبة القصّة..
"ابتسامة"
ابتسم وبدأيمارس عمله ، عمله فى قاعة أفراح والذى يتلخص فى استقبال المدعوين ببسمة عذبة وتقديم أطباق الحلوى لهم .. هنا تذكر جملة رئيسه الأعلى , تلك الجملة التى حفظها عن ظهر قلب والتى يسمعها قبل بداية كل حفل:" ابتسموا...أهم شىء فى عملنا هو الإبتسام."
فى الحقيقة أنه يمل هذا العمل أو بالأحرى لا يطيقه ، كل ليلة كسابقاتها لا جديد .. فتيات يأتين ملطخات وجوههن بمساحيق حتى لتنافس وجوه المهرجين فى السيرك القومى ، شباب يأتى بحركات راقصة كالنساء، كثيراً من الأغانى الهابطة ، ولابأس ببعض الطبل والزمر من النوع المسبب للصمم ولكنه رغم كل شىء عمل ، عمل يتقاضى عليه أجراً ،عمل تعب كثيراً ليحصل عليه ، وفى غمرة استغراقه فى خواطره تلك لم يلحظ أن حفلة الليلة قد انتهت، عاد إلى منزله منتظراً الغد فهو يوم إجازته وهو يعنى له الكثير...
على أحد الكازينوهات المطلة على النيل تجده ، نعم ذلك الشاب فى أوائل العقد الرابع والشعر قد بدأ يخف عن مقدمة رأسه .. الصلع آتٍ لا محالة
تجده جالساً مع خطيبته النصف حسناء ، عموماً لقد ترك الجمال والحب وكل ذلك وراء ظهره منذ انتهاء أيام الجامعة ، منذ أدرك صعوبة الحياة ، منذ علم أن هذا ليس زمن الحب والقصائد ، منذ ومنذ ... تحولت الأحلام إلى البساطة ذاتها تلك الأحلام التى كان من الصعب كبح جماحها يوماً ما .. صار كل همه أن يكون له أسرة وذرية ، وابن يقف بظهره على حد قول أمه .
هو يريد الحياة عادية ، عادية كأى شخص آخر .. أما عن أحلامه أثناء كلية الهندسة ، تلك الأحلام التى غرق فيها حتى النخاع ، وتلك الفتاة التى لطالما ألقى على مسامعها قصائد العشق والهوى آملاً أن تشعر بخفقان قلبه نحوها ، فهو على يقين الآن بأنها كانت مجرد أوهام وخيالات شباب ، شباب كل شغله الشاغل الحب والمرح ، شباب لم يدرك صعوبة الحياة بعد ، ولكنه رغم ذلك قد تعلق بخطيبته هذه أو ربما هو التعود ، ولكن اليوم يبدو على وجهها التجهم ...
قال مبتسماً محاولاً أن يبدو رومنسياً : ( أسعد لحظات حياتى وأنا معك .)
لم يبدُ عليها أنها تأثرت بجملته ، ظل وجهها متجهماً كمذيعى نشرة التاسعة
وقالت: ( هناك موضوع هام أريد محادثتك بشأنه )
تلاشت ابتسامته وغزت الجدية ملامحه
استطردت قائلة: ( لقد تقدم لى شخص معار لإحدى الدول العربية .... لا ينقصه شىء)
قال رافعاً حاجبيه: (ولكنك تعلمين أننى أعمل كآلة و .....)
قاطعته قائلة: ( لم أكمل كلامى بعد)
تنهدت وكأنها تستعد لإلقاء خطبة ، أيقن أنها قد حفظت ما ستقوله هذا وأنها راجعته عدة مرات كى لا تنسى حرفاً واحداً
(صدقنى لست الفتاة المناسبة لك ، ستجد من هى أفضل منى ، ستجد من تنتظرك وتكمل معك رحلة الكفاح أما أنا فقد مللت الإنتظار ، وأعتقد أن فترة الخطبة طالت وستطول ، ستطول كثيراً )
شعر أنه فى فيلم عربى قديم وقت أن كانت (فاتن حمامة) هى الممثلة الأولى ، و(عماد حمدى) هو محطم قلوب العذارى ، ولو كان كذلك لسخر من الفيلم وأغلق التلفاز وانتهى الأمر ، ولكن الأمر حقيقة الآن ولا يدرى كيف ينهى ذلك المشهد ؟؟ .. ولكنها بادرت بذلك ، خلعت الدبلة ووضعتها على المنضدة أمامه ثم رحلت بكل هدوء .. رحلت تاركة إياه مبلبل الفكر ، رحلت ولم يحاول إيقافها أو إثنائها عن قرارها ، هكذا هى الحياة كما عهدها دائماً .. قاسية .. أو على الأقل هنا.
فى اليوم التالى جمعهم الرئيس وبدأ يوضح لهم عدد المدعوين فى الحفل الجديد وبدء توقيت الحفل ثم أنهى كلامه بجملته المعهودة السمجة : ( وتذكروا أن تبتسموا ... أهم شىء فى عملنا هو الإبتسام )
وكجزء استعراضى عند بداية الحفل وقف هو وزملاؤه صفين متقابلين حيث يمر العروسان بين هذين الصفين ، نظر إلى العريس وجده شاباً أنيقاً أصغر منه بكثير ، والعروسة فتاة حسناء أو ربما بدت كذلك ، تسائل فى نفسه ( أين العيب ؟؟)
وهنا لم يدر كيف انحدرت تلك الدمعة على وجنته ، دمعة ساخنة لم ولن يلاحظها أحد ، دمعة حملت كل الألم و..والحزن