Aug 19 2010
لا أحد ضدّ الإخوان ؛ فجميعهم مصريون وطنيون؛ ولكننا ضد أسلوبهم في التفكير
الذين اعتبروا كلامي عن مسلسل "الجماعة" أمس الأول (الثلاثاء) موقفاً ضد الإخوان، وانحيازاً إلى الحزب الوطني، مخطئون تماماً، ولا يتطلعون إلى الأمور إلا من زاوية واحدة.. فلا يزال كثيرون يعتقدون -عن خطأ- أن الموقف من جماعة الإخوان، هو بالضرورة انحياز إلى الجبهة الأخرى التي يقف عليها الحزب الحاكم وحده؛ في حين أن عليهم أن يسألوا أنفسهم بأمانة، عن السبب الوحيد الذي جعل الحزب الوطني يستحوذ على كل شيء في البلد، بالصورة الحالية.
والقصد أن الحزب إذا كان يسعى في كل انتخابات إلى تقفيل الدوائر لصالحه؛ فإن ذلك يُحدث في كل مرة، تخويفاً للناس في مصر وخارجها، من الجماعة، وبذلك تجري السيطرة الكاملة له، على البرلمان، ثم إفساده، وتفريغه من مضمونه، باسم الإخوان، وليس باسم أي شيء آخر.
وإذا كانت الحكومة تجدد العمل بقانون الطوارئ، عاماً بعد عام، أو فترة بعد أخرى منذ عام ١٩٨١؛ فإن ذلك يتمّ في كل مرة أيضاً باسم الإخوان، وتحت لافتة كبيرة اسمها التخويف من الجماعة، وهو أسلوب ثبت بالتجربة أنه يؤدي إلى نتيجة مع الحكومة؛ لدرجة تجعلك على يقين بأن الحزب والحكومة معاً سعيدان للغاية ببقاء الإخوان على ما هم عليه الآن؛ لأن وضعاً من هذا النوع، يبرر أية خطوة يمكن اتخاذها ضد الإصلاح بوجه عام؛ لا لشيء إلا لأن الإصلاح الذي نريده -هكذا يتحدث الحزب والحكومة معنا- لو تمّ، فسوف يؤدي إلى مجيء الإخوان على أكثر من مستوى، ثم إلى سيطرتهم على أكثر من مؤسسة، وأكثر من كيان، وبالتالي إقامة دولة دينية.
مصادرة العمل النقابي الطبيعي كانت تتم -ولا تزال- باسم الإخوان، وبذلك فإن الذي يدفع الثمن، في كل نقابة وفي كل مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني؛ إنما هو البلد ذاته، وليس الإخوان، ولا حتى الحزب الحاكم.
كان الإخوان -ولا يزالون- يرفضون أصواتاً عاقلة تدعوهم -بصدق- إلى أن يجعلوا هدفهم الأول والأخير، عملاً من النوع الاجتماعي الذي يعود على المواطنين بالفائدة الحقيقية، لا أن يكتشف المواطنون أنفسُهم -مع كل صدام بين الدولة والإخوان- أن الثمن مخصوم من حياة كل مواطن، ومن حقه في أن يعيش في بلد طبيعي آمن!
ولم تكن مثل هذه الأصوات تأتي من خارج الجماعة، ولا كانت آتية من جانب خصوم الجماعة التقليديين؛ ولكنها كانت -ولا تزال- تأتي من ناحية العقلاء الكبار، في داخل الجماعة نفسها.. وليس أدلّ على ذلك، من الدعوة التي كان القطب الإخواني الكبير "فريد عبد الخالق"، قد أطلقها منذ فترة، ولا يزال يكررها في كل مناسبة يجدها ملائمة، ولا يزال أيضاً يدعو جماعته -التي كان قد نشأ فيها حتى تجاوز الرابعة والتسعين- إلى أن تتجه بكل طاقتها، إلى العمل الاجتماعي الخالص الذي سوف يفيدها -قطعاً- كجماعة، ثم يفيد البلد معها.
لا أحد ضدّ الإخوان كإخوان؛ فجميعهم مصريون وطنيون؛ ولكننا ضد أسلوبهم في التفكير والعمل، ولا تزال الجماعة مدعوّة بقوة، إلى الإنصات لصوت العقل في داخلها نفسها، وليس خارجها.